روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات ثقافية وفكرية | كيف يكون التأمل والتفكير.. في القراءة؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات ثقافية وفكرية > كيف يكون التأمل والتفكير.. في القراءة؟


  كيف يكون التأمل والتفكير.. في القراءة؟
     عدد مرات المشاهدة: 2973        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سمعت في بعض المحاضرات المتعلقة بالقراءة في بعض الأشرطة أن من أراد أن يرتقي بتفكيره وينمي عقله لا بد أن يتأمل فيما يقرأ، فكيف يكون التأمل والتفكير في القراءة؟

وأيضا قرأت مقالاً لأحد الأشخاص يقول فيه: اجعل بعد كل مدة تقرأ فيها وقتاً لا يقل عن ربع ساعة للتفكير -يعني مثلا لو كنت تقرأ ساعة أو نصف ساعة.

أو كنت تقرأ بالصفحات اجعل مدة لا تقل عن ربع ساعة للتفكير- والسؤال: هل هذه الطريقة صحيحة؟ وأيضاً: ما هي الفوائد التي أستخرجها من الكتب؟ وهل أحفظها أم أستحضرها؟

الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم..

الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

ونسأل الله تعالى أن يفتح عليك، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء الصالحين، والمسلمين المتميزين، وأن ينفعك وأن ينفع بك، وأن يجعلك مباركًا حيثما كنت.

وبخصوص ما ورد برسالتك فمما لا شك فيه أن لكل شيء غاية وهدفا، وإذا كان الشيء بلا غاية ولا هدف، فهو نوع من العبث واللعب واللهو، وضياع الأعمار في غير ما فائدة أو نفع.

والقراءة كما نعلم هي أعظم وسيلة من وسائل التحصيل؛ ولذلك كان أمر الله تبارك وتعالى لنبيه المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام في أول الشرع وفي أول الرسالة {اقرأ} فنحن أمة اقرأ.

فالقراءة هي أعظم وسيلة من وسائل تحصيل المعلومات والمعارف؛ لأنك تقرأ عصارة أفكار آخرين قدموا لك ما يمكن تقديمه في مجال من المجالات، سواءً أكان ذلك في المجال الأدبي أو العلمي أو غير ذلك، وهذه القراءة بما أنها هي الوسيلة الكبرى والعظمى لعملية التحصيل فتحتاج فعلاً إلى فن ومهارة.

فهي ليست مجرد قراءة، فإذا كان الإنسان يقرأ لمجرد القراءة فإنه يضيع وقته، وستكون محصلته العلمية أو فائدته الشخصية قليلة جدًّا، أما إذا كان يقرأ بُغية أن يطور من أدائه ويحسن من مستواه ويستفيد مما كتبه سواه، فيحتاج ذلك إلى:

أولاً: تقييد الفوائد التي يخرج بها أولاً بأول، وليكن لك مثلاً دفتر خاص بجوار هذه الكتب التي تقرأها، فكلما قرأت شيئًا ووجدت فيه بعض الفوائد أثناء القراءة، دوّن هذه الفوائد وحدها على حدة؛ لأن هذه تعتبر ملكك أنت الآن، فأنت الذي استخرجتها من هذا المحيط العميق، كالصياد الماهر الذي يستخرج اللآلئ من أعماق المحيطات والأنهار.

فإذا وجدت أن هناك معلومة مفيدة نقلتها في دفتر خاص بك وأصبح ملكك، وتستطيع أن تحول هذه إلى مشاريع في المستقبل فيما يعود عليك بتطوير نفسك ورفع مستواك، أو أيضًا مشاريع لغيرك، فكثير من هذه القصاصات البسيطة أو تلك الأفكار المتناثرة قد تتحول إلى مشاريع عملاقة، وقد نستطيع بها أن نطور من سلوك الناس، وأن نرفع من مستوى الأمة قاطبة.

فأنا أقول: إن عملية التأمل وعملية التفكير فيما نقرأ، والوصول إلى الشيء المفيد من هذه المادة التي نقرأها، وتسجيله وحده أمر يدعو إلى تطوير ذاتك بسرعة، لماذا؟ لأنك تأخذ أفضل ما لدى هؤلاء الكتّاب، ولا تكاد تخلو صفحة غالبًا من فكرة هادفة أو من معلومة مفيدة، وأنت سترى ذلك بنفسك، وسوف تتأمل ذلك بنفسك.

ومن خلال تكرار القراءة واكتساب مهارات القراءة المطولة سوف تُصبح ماهرًا وخبيرًا في استخراج الفوائد التي ترى أنك في حاجة إليها؛ لأن هذا ذوق، فالطعام الذي تطبخه كل النساء في العالم طعام واحد، فاللحوم واحدة وإن اختلفت أسماؤها.

وكذلك أيضًا الخضروات وغيرها، ولكن انظر إلى هذه المرأة تقدم طعامًا متميزًا من نفس المادة، وتخرج للناس طعامًا شهيًا يصعب على الناس أن يتحكموا في شهواتهم أمامه، وبعض النساء أيضًا تقدم نفس الطعام ولكنه لا ينظر إليه أحد، لماذا؟ لأن كل إنسان له نَفَس، فأنت بقراءتك المتأنية وبتحليلك للمعلومات التي تقرأها.

ومع تكرار هذا الأمر سوف تكتسب مهارة التمييز بين الأشياء المفيدة، وهي ستكون مفيدة من وجهة نظرك أنت غالبًا؛ لأنك تنظر أنت بناء على المعطيات والخبرات والملكات التي وهبك الله إياها.

ولعل شخصًا آخر لو قرأ نفس المادة سوف يستخرج منها فوائد أخرى، خاصة إذا كانت الكتب التي نقرأها كتباً لعباقرة كبار ولأناس لديهم خبرات تراكمية عالية، فإنك ستجد بين كل سطر فائدة ومعلومة.

فإذن هذا هو التأمل، أنك تقرأ وتستنبط الأشياء المفيدة وتكتبها، وكتابتك لها نوع من التقييد لها، ولذلك يقول العلماء (العلم صيد والكتابة قيده).

فأنت عندما تقرأ شيئًا وتستنبط بعض الفوائد وتضعها جانبًا في دفترك الخاص سوف يأتي عليك يوم تجد نفسك أمام كم هائل من المعلومات التي ستكون مشاريع لكتب جديدة أو لخطط متطورة تنفعك أو تنفع غيرك من الناس.

فإذن هذه الطريقة طريقة صحيحة، وبعد أن تكتب هذه الأشياء تُعيد النظر فيها مرة أخرى؛ حتى تتأكد أنك ما زلت على الجادة.

وحتى تنظر إلى أفكارك، لأنك من الممكن أن تغير مثلاً هذه الفائدة، أو أن ترى أن هناك ما هو أفضل منها، وبذلك تتعلم التحليل، وتتعلم فعلاً الاستنباط، وتتعلم كيفية استخراج الفوائد من هذه العلوم المتناثرة.

ثانياً: بخصوص مسألة الربع ساعة للتفكير، هذه طريقة من الطرق، لكن لا يلزم أن تكون ربع ساعة، فقد تكون أكثر وقد تكون أقل؛ لأن هذا ليس قرآنًا ولا سنة.

وأنت تعلم أن الناس متفاوتون في أفكارهم، فهناك من يقرأ صفحة مرة واحدة فيستظهرها ويستخرج ما فيها في ثوانٍ معدودات، وهناك من يحتاج إلى قراءتها عدة مرات.

وهناك مواد أيضًا سهلة لا تحتاج إلى التفكير الطويل، وهناك مواد صعبة تحتاج إلى تفكير طويل أيضًا، فإذن هذه ليست قاعدة فلا تشغل بالك بها.

وإنما عليك بإمكاناتك المتاحة، وأهم شيء أن تضع لنفسك برنامجًا للقراءة؛ حتى لا يتغلب ذلك على مستواك الدراسي وعلى تحصيلك العلمي، وأتمنى أن تركز كل التركيز على مذاكرتك؛ حتى تتميز علميًا وتكون من المتفوقين والمتميزين.

وبالله التوفيق.

الكاتب: الشيخ / موافي عزب

المصدر: موقع إسلام ويب